حدثيني إن سمحت لكِ الحياة ..

صديقييعقوبانفصل عن حبيبته .. 

لم يستطع تحمل ضغط الحياة وضغط حبها له .. 

قرر أن يتخلص من ضغط ذلك الحب الذي جعل من ضغط الحياة محتملاً .. 

مسكين .. 

فهو لا يدرك بعد تلك الحقيقة ..

لا يدرك أنه أن تخلص من حبها ستفرغ الحياة وفجأة سيكون مشغولاً بفراغه .. 

سيكون وحيداً .. 

فقد ارتكب خطأ صواب بجعلها تملئ حياته دون غيرها .. 

اعتمد عليها فنسي نفسه ..

كان يظن أنها تكفي ..

كانت تكفي ..

كانت تزيد الكفاية ..

وحين تخلص من حبها ..

تخلص من كفايتها ..

من زيادتها..

وحين أدرك غباؤه أراد أن يُبقي على صداقته معها .. 

علّ ذلك يخفف ضغط غيابها ..

صديقتيسحابةانفصلت عن حبيبها ..

لم تستطع تحمل ضغط الحياة وضغط حبه لها ..

قررت أن تتخلص من ضغط الحياة كي تجعل من ضغط حبه لها محتملاً ..

جاهلة ..

خذلتها حكمة قلبها ..

لا تدري أن ضغط الحياة لن يزول أبداً ..

فالحكمة كانت أن تختار ذلك الضغط بدل أن تختاره الحياة لها ..

أدركت أن للحياة شكل آخر ..

كان أجمل لكن لم يكن ما اختارته لنفسها ..

فهي اختارته هو ..

وبغيابه عنها اصبح عندها مزيداً لم تجد من يأخذه ..

كان يجعلها أكرم ..

يجعلها أسخى عطاءاً ..

يجعلها راغبة في ان تمتلئ لتعطي ..

وحين أدركت غباؤه وجهلها ..

اصبحت صداقته وحدها لا تكفيها ..

كلاهما صديقي .. وكلاهما أحب ..

لكني أحببت صداقتي لهما وكرهتها ..

أحببت حبهما لبعضهما وكرهته ..

فكل يوم معهما كنت اشعر انني اعيش غبائي معك ..

وكل يوم معهما كنت اعيش جهلي معك ..

كيف لهما أن يختار كل واحد منهما دور واحد ويلتزم به ..

وأنا آخذ كلا الدورين .. دوري ودورك ..

كنت غبي وجاهل ..

ومازلت أعيش غبائي وجهلي ..

أحدثك عن هذا .. فقد سمحت لي الحياة ..

أعلم ان الحياة اشغلتك عن الحديث ..

لذا حدثيني اذا سمحت لك ..

January 24,2018

قلبٌ جديرٌ بالفرح!

حدثني صديق قلبي يوماً ونحن في صحبة الطريق شمالاً عن إعجابه بمقولة أحدهم
“ حين اسمع اغنية تعجبني أشعر أن هذا حدث يجب أن يهم العالم”
وعلى نفس السياق أشعر أن سعادتي يجب أن تهم العالم .. ولكن في الأغلب  هذه كذبة كنت أعيشها فالعالم لا يكترث لي أو لسعادتي ..
أما أصدق كذبة عشتها فهي تلك التي أصبحت حقيقة .. والتي كنت أعيش يوماً بيوم على أمل ألا أكون أكذب على نفسي فيها ..
حاملاً بعضاً من إيمان الذات .. وبعضاً من وداعات الأصحاب .. وبعضاً الخيبات ..
والكثير من الأمل في جبر قلبٍ مكسور ..
وها أنا أقف أمامي مندهشاً من كثافة صدقي ..
من كان الأكثر صدقاً .. أنا ؟! حلمي ؟! صديقي الذي اتكأت على قلبه ؟! قلبي المكسور ؟! أم وحشتي لكِ التي مازالت تزيد كل يوم عيد ؟! رغم أن العيد يأتي كل عام مرة ..
لا اعرف كيف مضت هكذا أربع سنين بكل زحامها ..
فأنتِ مثلاً لا أمل لي في أن أقبل جبينك .. الذي أبحث عنه في لحظات فرحي المسروقة ..
أي فرح هذا ؟..
وصديقي مثلاً رحل دون سبب مقنع .. زهد عني ولو بسبب واحد و مازال زاهداً ..
أي صديق هذا ؟..
أما أبي فرحل ولكن لأسباب مقنعة جداً .. لكن بيننا حوار لم ينته بعد وربما لم يبدأ ..
فأي رحيل هذا ؟..
 تلك الجملة التى لم ينهيها تجعلني أشيخ كل يوم أكثر .. وكلما حاولت أن أنهي الحديث أجده لا يستمع لي .. نسيت أنه رحل !!
لا أطيق الحياة عندما ترتدي لباس “ربما” .. كل الخيارات بها غير منصفة ..
“العيد ربما عيد “ .. “انتي ربما سعيدة !؟” .. “صديقي ربما مازلت في قلبه” .. “أنا ربما فعلت ما يجب“ ..
و حدثيني عن الخيارات اللا منتهية ..
على الاقل إيمانك بي لم يذهب سدى .. أليس كذلك ؟!
وإن كان إيمانك ذاك شمّاعة وعذر أنتِ علقتي عليه املك فيّ .. وأنا علقت عليه حلمي بك ..
حدثيني كيف اصبح ايمانك بي اليوم ؟ فحملي أصبح في حضرة عيد صدق لم يعتاد عليه بعد ..
ويح العيد .. يجعل من قلبي عاصفة أغرق بها وحدي رغم كل ساكنيه ..
تعرفين ! أربع سنين ومازلت أجد صعوبة في اختيار قصة حدثت خلالها كي أحكيها  ..
هل لدي قصة جديرة بأن تقرأ يوم العيد ؟!
ولأني لم أجد جواباً .. وكي أخفف رهبة تكبيرات العيد ..
قررت أن أكتب بعد أن يمضي على العيد أربعة أيام ..
أجدني مضطراً بأن أكتب لأنك تظنين أني نسيتك ..
لم أنسى بعد .. ولا أظن أنني سأنسى على أي حال ..
خيبت ظنك ! أعرف !
ويبدو أن هذا شيء لا أعرف نسيانه ..
لذا سأجيب عن سؤالك عن حال قلبي كي أغير الموضوع ..
قلبي مازال بغرابته .. يتجرع الفرح رغم الشقوق التي به .. بالكاد ينبض ومع ذلك هو فرِح .. فرِح جداً ..
فبعض من الألم يعيش معك .. لا تعيش من دونه .. ولا بأس فذلك يجعل قلبي جديراً بالفرح ..
كل عام وانتم قلوب جديرة بالفرح !
June 28,2017

صديقي ماثيو

الصداقات فيها بعض من الإرهاق الذي لا يمكن تجاوزه ..

وصديقي ماثيو ثار على قلبي و فتحه على مصراعيه ..

يعلمني .. ويرهقني .. ويُبقي على سؤال معلق ..

لا أستطيع قراءته .. لأفهمه .. بالتالي الإجابة عليه ..

زار .. ومضى في سبيل حاله ..

والفوضى التي في داخلي منذ قبل زيارته نجت منه .. وبقيت كما هي ..

أعتذر مسبقاً إن كنت (بقصد) درامياً هنا .. لان مواقف العتب تستدعي بعضاً من الدراما المحتمة .. وهنا بعض العتب على ماثيو (الإعصار) .. على بعض أفعاله التي لم أفهمها .. أو التي لم أحاول فهمها.. لأنه فوق مقدرتي من الأساس .. فماثيو غريب الأطوار جداً ..

اليوم الاول : صديقي ماثيو.. لم أعلم بقدومك سوى اليوم .. وكان ذلك مصادفةً لأن الجامعة ألغت الدراسة اليومين القادمين فعرفت .. الإخلاء مستحب إلا أنني أود استقبالك .. لذا سأكون هنا في انتظارك .. متشوق لرؤيتك في الحقيقة .. والسبب أنني لم ألتقي بك من قبل .. و أيضاً يبدو انك تصر على أن تترك بصمتك على المكان الذي تزور ببعض من القسوة .. أريد أن أكتشف أن كانت قسوتك تتعدى قسوة بعض الأصدقاء ..

اليوم الثاني: صديقي ماثيو .. يبدو أنني يجب أن استجيب لأمر إخلاء المدينة .. رغم أنه الإخلاء سيكون اجبارياً غداً ، ربما !! .. إلا أن صديقي (جيكوب) يصر علي أن أرافقه اليوم لنزور صديقنا (برووك) الذي سيستضيفنا في بيته إلى أن تنتهي زيارتك .. يبدو أن صداقتك التي لم تتعدى يوم ستكون مرهقة جدا .. لم نتعرف على بعضنا جيداً بعد .. ومع ذلك كل شيء فعلته إلى الآن لا أحبه .. ولا أفهم رغبتك الجامحة في تحطيم قلبي .. فالذي تفعله في زياراتك مؤخراً لبعض مدن الأصدقاء محزن جداً ..

اليوم الثالث :صديقي ماثيو .. مكوثي في بيت صديقي  (برووك) تجربة سعيد بها جداً .. علمتني أنني لا أعلم كل شيء عن الصداقة .. فهذا نوع جديد علي بعض الشيء .. الصداقة التي تتجاوز حدود الاختلاف في الثقافة والدين والعادات والتقاليد ويبقى فيها فقط عُرْف الإنسان .. خاصة ان صداقتي معه ليست سطحية ابداً .. وها أنت أخذتها إلى مستوى عمق جديد .. اليوم يا صديقي ستمر على مدينتي .. (سافانا) تلك المدينة التي لست مجنون بحبها وأغلب الوقت أجدني وهي لا نتفق .. ومن خطتك المسبقة بالمرور عليها  أعرف أنك توافقني في هذا .. مع ذلك أشعر بحزن شديد وقلق شديد .. لا أعلم كم ستصمد المدينة بين يديك .. فهي كهلة ، نحيلة ، ولا أظن أن فيها من القوة ما يجعلها تقف في وجهك .. وقلبي يجد فيه حباً خاصاً لكبار السن .. الذي ورثوه من حبي لجدتي .. فرفقاً !!

اليوم الرابع : صديقي ماثيو .. لا أعلم لما هذا الغضب بداخلك .. ولا أعلم لما هذا الغضب بداخلي أنا ايضاً .. لا أقوى مثلك على اقتلاع شجرة بهذا الكبر والعتاقة كي أُفرغ  ما بداخلي .. أهذه هي طريقتك للتخلص من زفرات قلبك المثقل ؟!  ما عساي أن أفعل أنا .. اقتلع قلبي ؟! ربما ؟!

اليوم الخامس :صديقي ماثيو .. غدا صباحاً سأعود لسافانا .. أمضيت خمسة أيام جميلة هنا في (روم) .. إلا أنني أشتاق إلى بيتي .. سرسري .. مرآتي التي لا لم أعد أعرفني فيها .. (أعذرني يبدو أن لم تفهم ما قصدته .. ظننت أنني قصصت لك عن ذلك) .. المهم أنني أردت أن أخبرك أنني بخير إن كان يهمك الأمر على أي حال .. و أرجوك لا تز مرة أخرى فزيارة واحدة تكفي ..

هُراء العيد

“محاولاتي اليائسة والبائسة لتذكر ان كانت لي طقوس للكتابة بائت بالفشل .. وحتى محاولات عقلي لابتكار طقوس أخرى أيضا فشلت .. أنسيت يا ترى  ؟!”

كانت هذه حالي لأسبوع .. كل ليلة أتسمر أمام جهازي المحمول محاولاً كتابة تلك الجملة التي افهم بها ما الذي يحدث معي ؟! المضحك أنني عندما عدت اقرأ كتابات سابقة وجدت أن هذا هو طقسي .. هذا التيه والتعسر ذاته كل مرة أحاول الكتابة .. وذات الشكوى هي هي ..

وكأنه احتقان لا استطيع تجاوزه .. وسر لا اريد البوح به .. رغم انني اكتب بمحض إرادتي طبعاً .. احياناً أتمنى لو أنني كنت كأحد أصدقائي المثقفين فأشذر شذرة تقيني كفايةً من هذا البحث عن الكلمات في عقلي المزدحم بالجبن ..

٤٢٦ يوم منذ عرفت نفسي جيداً .. أو على الأقل عرفت بعض مني جيداً ، و استطعت وصف بعض من ملامحي وصفاً ارسمها به من جديد .. ملامح ذلك الشخص الذي اراه كل يوم في المرآة ، أنظر في انعكاس عينيه و أقول نعم هذا اعرفه .. اعرف [شكل قلبه ] .. أتذكر يوماً مكثت فيه أبحث عن تشريح القلب كالذي يستعد لتقديم ورقة علمية علِّ اجد مبرر لما قلبي لم يعد مألوفاً ..

سنة وشهرين وأسبوع و بضعة ايام منذ كنت اعرفني جيداً ، وما عدت .. ومثلها وأكثر منذ آخر مرة كتبت .. فالكتابة صرت أخافها .. أخاف الخوض في تفاصيلي التي لم أعد اعرفني بها .. فالكتابة مرآة لا تكذب .. لا تستطيع خداعها بقميص جديد أو رائحة عطر زاكية و ارتداء حذائك المفضل ..

عقلي يبدو كآلة كاتبة لا تتوقف عن كتابة جملة واحدة طويلة لا نهاية لها .. جملة دون نقاط أو علامات ترقيم .. فالمكتوب اقرأه ولا أفهمه .. أحتاج إلى نقطة ابدأ بها أول سطر جديد .. وصاحب النقطة إما أنه ضيعها ، وضيعني معها .. أو أنه يستخسرها علي ..

 

وفي قلبي حكاية اثنين لا يتوقفان عن النزاع ..

هو .. أخذ النقطة معه فطفش خلفه قلبي ..

هي .. مجنونة عاقلة ما عدت اعرف عنها شيء منذ أيام طِوال فطاش بها قلبي ..

هو  .. زكاة حبه ذكريات تُخْلَق كل يوم رائحتها زكية كالمسك .. يتجلى بها قلبي ..

هي  .. وجد إلى قلبها اليسر عنواناً فاصبح قلبها أجمل .. وامتعض في تعسرٍ قلبي ..

متى اصطلح مع أحدهما فأعرفني ولو قليلاً ؟! ولو للحظة عيد !!

نعم إنه العيد .. يبدو أن هذا هراء من لمن يجد للعيد في قلبه فرحة .. أعاده الله عليكم دار قلبي وأنتم .. ساكنيه ..

مات كبير السن ..

لا أعلم اين ابدأ .. فكل ما يجول خاطري هي جملة واحدة ولا استطيع تجاوزها .. [ مات كبير السن ] ..

وعندما يموت كبار السن تفقد الحياة بعضاً من عتاقتها.. فبين طيات تجاعيد جلودهم تكمن بركة الحياة ..

مات كبير السن ..

ومنذ ان سافرت وانا اخاف ذلك .. اخاف ان يتوفى احدهم فتحول المسافة عن استطاعتي في القاء نظرة [ وداع ] أو قبلة [إلى لقاء قريب ] ..

خوفي الآن ازداد ..

إن اردتني ان اكون اكثر صدقاً .. بل انا مرعوب .. مرعوب جداً ..

مرعوب ان تسلب المسافة مني حق توديعهم ..كما فَعَلَت حين مات كبير السن ..

والمسافة ايضاً تسلب منا احياناً القدرة على البوح .. والخشية من النوح والبكاء ..

لم استطع الاعتراف عن خوفي هذا لأحد .. فالمسافات الجغرافية و المعنوية حالت بيني وبين كل من هو اهل لإلقاء زفتراتي عليه ..

هرعت ابحث عنكِ .. افتقدت فيكِ صديقتي المقربة .. ونسيت اننا ما عدنا نلتقي سوى هنا ..

كنت مختنق .. واطياف الموتى حولي تزاحم اطياف الاحياء .. تحلق بي على امل ان يسمعوا مني اول بيت في قصيدتي المتهجمة على الموت والمسافات..

كنت كالطفل الوليد تواً .. الكل ينتظر ان يسمع بكاءه للأطمئنان عليه .. وللاطمئنان ان الحياة سلكت طريقها اليه ..

فإن كان ذلك دليل هو الحياة هنا .. فأنا كنت ميت منذ اسبوع .. ومنذ اسبوع مات كبير السن ..

مات كبير السن ..

وعندما مات اشتقت لك اكثر .. اشتقت ان اختبئ بين لحظات صمتك عندما تعجزين عن مواساتي .. اشتقت ان تبكي انتِ فأستحي انا البكاء ..

اشتقت ان اناديك باسمك .. اشتقت ان انطقه .. فمنذ ان ذهبتي وانا صائم عنه..

مات كبير السن ..

وماتت قدرتي عن التعبير عني .. قدرتي عن الكتابة لك ..

١٦ مايو ٢٠١٥

May 16, 2015

سارقوا الكلمات ..

قد يهجرك احدهم .. فيوقظ بهجره خِضَمّ من الكلمات النائمة ..
ألم هجره يجعل منك جريح احدى معارك بغداد .. تلهث بحثاً عنه لتسعف قلبك ..
وكلماتك وحدها هي ما تملك .. فتكتب وتكتب .. ولا يهم إن استجاب لها أم لم يستجب ..
فرغم غصة الهجر إلا أنك مازلت حياً .. ما زلت حية فيك [ الكلمات ] ..

و يهجرك أحدهم .. فيقتل بعض [ كلماتك ] .. ويسرق البعض الآخر ..
تستميت وصلاً .. ولكن كيف ؟! وسارقها يحتمي بالليل وعتبات الحياة .. وفي النهار ينكرك قلبه ..
هؤلاء الذين يجيدون الهجر أين تعلموه ؟!
فواجب عليهم القصاص .. واجب عليهم حد السرقة ..
فهجرهم سرق النصف من كل شيء .. ومن يعوض نواقص الاشياء من بعدهم ؟!

وجب عليهم حد السرقة ..
فالضحكة التي لم تكتمل مَنْ لها ؟!
الدمعة التي ضلت نصف الطريق مَنْ لها ؟!
البلسم الذي يذيب ارق الليل مَنْ يأتي به ؟!
لحظة “ يا الله ايش حسوي دحين “ مَْن لها ؟!
كيف لهؤلاء الهاجرون ان يفوتوا كل هذا ؟!
وكيف تطيق قلوبهم ؟!

الهجر قاسٍ جداً .. يصيب القلب ببعض من الفصام ..
بين عتب تخربش اظافره شِغَافه .. وبين حبٍ زكيٍ يرتكز على كتف ذكرى ..
فعتبك يخدش .. وذكراه تطيب ذلك الخدش .. وبين هذا وذاك يضيع قلبك ..

الهجر يجعل من المدينة غربية تسكنها الاشباح .. رغم انها هي هي .. والناس هم هم .. حتى برد الشتاء ذاته ..
عدا برودة في القلب تمتزج بالحرقة من صقيع الهجر ..

الهجر اقسى حين تتوسل انقضاؤه .. واقسى حين يُعْدم توسلك امام عينيك .. وتراه يتدلى من حبل المشنقة .. و كل ذلك لا يصنع فرق ..
الهجر يحول قلبه الذي جلَّ ان يخطئ .. الى قلب اصم كصخرة صماء لا مسام فيها لتتنفس فتطبق على نفسك الأخير .. فيسرق منك كلماتك التي تتوسل بها لتحضى بلحظة قرب .. لحظة حياة .. لحظة تزكِّي بها ما تبقى من اي شيء .. كل شيء ..

لا سامح الله الهجر !!
وسامح الله قلبك هاجري !!

والحب مسؤولية ..

بين هجر ومسؤولية قلبي عمّر .. بين هجر ومسؤولية تعسّر .. بين هجر ومسؤولية اعتصر ..

لما ذاك القلب لا يَهُوْن .. ولما لا يُهَوّن عليه .. ويترك بعضاً من العلل تحل نفسها ..

يترك بعض من ثلج الشتاء يذوب على عتبته .. وبعض من فيض المُهج ينوب عن قسوته ..

فقسوته تحتجز مشاعر تأن .. وزفرات تدمي .. وكلمات تخون ..

كلمات ترسم في عقلي متاهة تُبقيني أطارد أبجدية لا أفهمها ..

هي جملة واحدة فهمها قلبي ..

ذاك القلب الذي يردد عليّ نوتةً موسيقية .. لا أعرف من أي دفين نفض ترابها ..

يرنم عليها جملة اسمية منها عرفت الخبر .. [ الحب مسؤولية ] ..

ثم جال بها كل المقامات العربية بصوتٍ واهٍ ..

و آه النهاوند تشهد عليه .. كما ملأ الصبا بحزنه الدنيا ..

منذ أن ذرف صاحب قلبي  أمامه دمعاً عجز مسحه ..

وأنا أعرف أن [ الحب مسؤولية ] ..

دمع لم يكترث لجغرافيا المسافة .. ولا للفيزياء التي يعمل بها الهاتف المحمول ..

و رغم أن صاحبه هجره .. إلا أنه يتقفى أثر ما استعصى من الوصل منه ..

كيف لقلوب تحب أن تنسى مسؤولية الحب ..

كيف لها أن تترك جرحى خاضوا معترك الحياة معهم ..

أرق .. وسهد .. وحُرقةُ وجْد ..

قلبي لا يتوقف عن التفكير .. ويلي من قلبٍ يفكر ..

ذات الأرق بل زِدْ .. وذات السهد بل زِدْ .. وذات حُرقةُ الوجْد بل زِدْ ..

تفكير قلبي يسلخه من ذاته .. يعيشه في مخاض ساعاته ابدية ..

ولوعات ثقيلة تبقية ثابت مكانه غير ساكن ..

ولغته تحتاج ملحن يفهمها ويفك أعجميتها ..

فمستحال ان يُطرب لها كما هي ..

صاحب قلبي هجره .. طوق قلبي بتلك الدمعة وهجره ..

[ الحب مسؤولية ] قلبي يحملها منذ أول نبضة غنى بها لأمي ..

ومنذ أول رسالة كتبها لابنتي التي لم تولد بعد ..

ومنذ تسعة عشر شتاء ترمّز فيها لصاحبه أن يكون مظلته ..

وأن يتحمل مسؤولية أن يُبقي نور الطريق مُضاءاً ..

[ الحب مسؤولية ] عاهد بها قلبي صاحبه ..

فيا صاحب هذا القلب .. عفوك !!

هذيان قلب لم يعي ..

ما اوقفني على عتبة جهازي اللحظة هو فيض الحنين .. ( والذي بشكل غريب زادته الانفلوانزا ) .. اشعر بقلبي يرجف .. رغم ان جسمي في قمة الخمول .. فالشتاء يفصلنا انا وقلبي .. نصبح مخلوقين منفصلين .. و استجابتنا لبعضنا تختلف عن بقية الشهور .. اصبح عنده صفرياً لا اصنع اي فرق .. يبحث عن ساكنيه .. يهرع مني هارباً كالمجنون .. او انه يبقى وحده كعصفور تحت مطرٍ يرجف .. ولا يغني بل يصرخ نشازاً .. تسكنه ذكرياتهم ثم تصعقه في ذات الوقت .. يشدو حضن ربما .. وربما قلبة .. او اضعف الايمان كلمتين تذكره أن سكانه لم يهجروه .. بل ملتفين حول نار يشعلها حبهم يتدفؤن بها من برد الشتاء الذي لم يخبئ له شيء .. سوى رسائل هنا و هناك ..

– راسلني يومها قائلاً “ انت الوحيد الثابت وكل من هو دونك متحرك “

أتعرف ؟! ذلك حب يمنح قلبي ثقة كبيرة .. عضلات قلبي تصبح به اقوى .. الغشاء حوله يصبح اكثر سماكة .. وحتى نبضه يصبح اكثر ايجاده للطبقات العالية في الغناء .. صديقي ساعتها جعلني اؤمن بالقدر اكثر .. القدر الذي جعله يعيش معي لحظات … لا اعرف كيف اصفها ..

فكيف اصف ؟!

لحظة كنت احكي له فيها عن فرج احل بي فرأيت فيها دمعه من اجلي ..

لحظة لم يرد علي فيها لمدة ما.. انقطع عني تماماً .. لا اعرف السبب .. فانقطعت عني سبل البهجة ..

لحظة لم ارد عليه فيها لمدة ما .. انقطعت عنه تماماً .. اعرف السبب .. فانقطعت عني سبل البهجة مرة اخرى ..

كيف اقول له ويعي ان .. خفي لطفٍ يتخفى لي فيه ..

– سألني مرة “ كيف اصبحنا اكثر قرباً هكذا؟! “

وبعض الاسئلة تيقظ الحب في قلبي من جديد ..

فأستيقظ قلبي وأجبت ..

بعض الصداقات يثريها تراكم السنين .. فتتعرف على صديقك مع الوقت اكثر واكثر .. والبعض منها يثريها الموقف .. موقف ما يختصر عليك عدد ما من السنين .. فالكثافة لا تكترث للزمن عند موقف حقيقي ..

كان الموقف .. وكان هو .. و كنت انا .. لذا سأسرق منه كلمة قالها لي “ هناك حب نعبر به .. وهناك حب تعيش به .. وحبك من الثاني “

حبه حقاً من الثاني ..

كيف اقول له ويعي اني .. لم اختره انا بل اختاره الودود لي (اجابة دعوة ) ..

– قال لي “ اشعر انك تعرفني جيداً .. واعرف انك اكثر من يفهمني “

رغم انني اتفق معه جداً .. ( و أود لو ازيد من حرف الدال عشرة تأكيداً لذلك ) .. لكن ان يقول لي ذلك يعني انه سمح لي ان استخدم تعويذة حبه .. احصن بها قلبي كلما حاد عني .. فأذكره بين حين واخرى .. اتذكر ذلك القلب الذي جاورك ؟! اتذكر ذلك الحب الذي عمرت به مدينتك الفاضلة ؟!

وان كانت مدينة افلاطون الفاضلة دون خطايا .. فمدينة حبه الفاضلة خطاياه فيها فضائل ..

كيف اقول له ويعي .. حتى في عدم رضاي عنه .. عين الرضى ..

كيف يفهم قلبي ويعي ان الشتاء موسم ويمضي .. و كذلك الحنين وان طال يمضي معه .. أما هي .. تلك المجنونة العاقلة .. دوناً عن الجميع تتلذذ بالشتاء .. فتنام وقلبي تحت وسادتها !!

في حضرة الذكرى ..

سامحيني نسيت أن افتقدك ذلك اليوم .. نسيت أن اتوحشك ذلك اليوم .. فقد ارتميت في حضن أمي ودرفت عليه ألف دمعة .. و قبلت أمي ألف قبلة .. لم أتذكّرك قبلها .. لم أتذكّرك بعدها .. ولم أتذكّرك بينها .. لم تتخللي بين اللحظات ..

لم اذْكُرَكِ .. لم يذْكُرَك الغياب .. فقد كنت في حضرة أمي ..

احتضنت أمي .. بكيت .. دموعي لم تحتاج الى أن يتمعر وجهي .. فقط انسابت كما تنساب مني إبتسامة عند رؤيتي لطفل يضحك .. ضحكة لا إرادية .. وكانت دموع لا إرادية ..

اتعرفين !؟ .. المرأة الوحيدة التي تفوقت عليك هي أمي .. وتفوقتْ عليك في كل شيء ..

أنتي تخليتي عني بالسماح لي بالتخلي عنك .. اصبحتي ماضيََ الحاضر .. الذي يحضر بين الحين والاخرى ..

أمي احرقت التخلي في نار سعير .. ففي قلبها التخلي عني صنم هدم منذ فتح مكة .. أمي أقامت الماضي صرحاً وتربعت عرشه.. ثم تمردت على الزمن واصبحت حاضري الماضي .. حاضري الذي امضي به واعيش فيه ..

اسمحي لي ان احدثك عن ذلك قليلا .. ولا بأس إن بدت لك فلسفة لا تحمل أي معنى عندك .. فأنا وأمي نملك معجم خاص بنا .. نتفق و نختلف عليه .. ايكارت تول حين تحدث عن قوة الآن .. نسي وجود أمي .. لا يعرفها .. فالوقت مع أمي يجعل من الآن ماضياً .. وتلك حقيقة ..

ففي اللحظة التي نقول فيها الآن تصبح الآن ماضيا في اللحظة التي تليها مباشرة .. بإعتبار أن الآن أقل وحدة زمن .. [ لا تمثلي دور انشتاين وتبدأين الاعتراض ، قلت قبلا هذا في معجمنا أنا وأمي ] .. فأمي قوة محركة تجعلني امضي في حاضري الذي أحاول عيشه لحظة لحظة .. و أتوق لمستقبلي الذي أخمن بعضه .. وأجهل أكثره .. واؤمن به كله ..

فسامحيني إن نسيت أن افتقدك ..

وسامحيني مرة اخرى اشعر أن في بعض ما قلت سابقاً نقلت عنك صورة مَنْ لا تحب أمي .. لا تخافي سأعلم الجميع أنك احببتها .. فأنا أعرف .. ولا تقلقي في أن تعرف هي .. لا جدوى من ذلك الآن .. فقد تخليتي عن حبك لها يوم سمحتي لي بالتخلي عنك ..

بالمناسبة كدت ارتبك حماقة اليوم فقد رأيت فتاة تشبهك .. بالأحرى أرادت التشبة بك .. لكن اقضتني تفاصيل وجهك التي لم أراها فيها ..

فشكراً لتلك التفاصيل !!

شيء آخر .. انا الآن في مطار واشنطن دي سي .. عائد لسافانا .. لأكمل الرحلة التي اخترت !! على أمل أن أراك عند خط النهاية يوم ما !!

٢ يناير ٢٠١٥

قارئة فنجاني !!

راسلتني قارئة لمدونة ماضية تسألني .. مالك !؟ ماذا حل بك !؟ اجدني مجبورة بالشفقة عليك منك !!

قارئتي .. ابتدائاً اسمحي لي ان اسميك قارئة الفنجان .. كما قارئة فنجان نزار -رحمة الله – لست اشبهني بنزار .. حاشاه .. لكن وجه التشبية بينك وبينها .. ان كلاكما تحاولان قراءة ماوراء المكتوب او المشروب وخطوط القدر .. فقارئة فنجانه حاولت ان تقرأه في مسارات خلفها المتبقى التعيس من قهوته .. وانتي قارئتي تحاولين قراءتي عبر حروف اكثر ما يشبهها هو العروق حول قلبي ..
لذا ارجوك اقرأيني وقولي لي .. مالي !؟ ماذا حل بي !؟ اجدني مجبوراً بالشفقة عليّ مني !!

سأحاول ان اساعدك !!
اتعريفن اكثر ما احب من قصائد نزار !؟ قصيدته بلقيس .. التي رثى فيها حبيبته .. زوجته بلقيس .. اتعرفين ما اكثر بيت احبه في القصيدة .. ” بلقيس يا وجعي ووجع القصيدة ” ..
قارئتي .. علني انا ايضاً ارثي بلقيسي .. ارثي وجعي وارثي القصيدة ..